أخبار التعليم

محطة تصفية المياه العادمة لمديونة : نموذج واعد لتطوير الزراعة المستدامة

مباراة الصحفيون الشباب من أجل البيئة 2019 صنف التحقيق الصحفي. ثانوية الإمام الغزالي الإعدادية

تقديم

يعتبر النشاط الإنساني مسؤولا بكيفية مباشرة عن تدهور البيئة واختلال التوازنات الطبيعية. ويزيد من حدة ذلك، الارتفاع المتزايد لعدد السكان في العالم بحيث لجأ الإنسان إلى ممارسة زراعة مكثفة تعطي الأولوية للإنتاج الزراعي على حساب التدبير المعقلن للموارد الطبيعية. فكان من نتائج ذلك استنزاف الموارد المائية السطحية والباطنية.

على مستوى قطب الدار البيضاء الذي يستهلك ما يناهز 200 مليون متر مكعب من الماء سنويا(1)، هناك تحديات كبيرة أبرزها قلة الموارد المائية، وبعدها، وقلة المساحات الخضراء، وتراجع المساحات الزراعية نتيجة الزعف العمراني. لذلك، بات من المستعجل وضع الأسس لزراعة مستدامة تأخذ بعين الاعتبار استدامة الموارد الطبيعية وخصوصا الماء.

في هذا الصدد، نظم فريق العمل زيارة لمحطة تصفية المياه العادمة لمديونة و للفضاء التجريبي للزراعة الحضرية والبيولوجية التابع لها.

نبذة عن محطة تصفية المياه العادمة لمديونة

تقع هذه المحطة داخل المحيط الحضري لمدينة مديونة، تم تدشينها بتاريخ 3 أبريل 2013، وتبلغ مساحتها 3,5 هكتار. وتضم محطة لتصفية المياه العادمة، وحوضا لمياه العواصف، وفضاء تجريبيا للزراعة الحضرية والبيولوجية.

تعالج المحطة ما يناهز 2500 متر مكعب من المياه العادمة في اليوم، بينما تصل قدرتها إلى 3800 متر مكعب في اليوم، وهو الحجم الموافق ل 40000 من الساكنة. مستقبلا، يمكن إطلاق الشطر الثاني من المحطة كي تستطيع معالجة حجم من المياه العادمة يوافق ل 80000 نسمة. وتعد هذه المحطة الأكثر تطورا في شمال افريقيا باعتبارها أول محطة ذات معالجة ثلاثية : التمرير عبر الحواجز (الغربلة)، والمعالجة البيولوجية (بواسطة الأوحال المنشطة)، والمعالجة بتكنولوجيا الأغشية. وقد نالت جائزة الحسن الثاني للبيئة سنة 2018(2).

مباراة الصحفيون الشباب من أجل البيئة 2019
فريق العمل يستعد لولوج محطة تصفية المياه العادمة لمديونة

نبذة عن الفضاء التجريبي للزراعة الحضرية والبيولوجية 

بغية تشجيع فلاحي المنطقة على ممارسة زراعة مستدامة باستعمال المياه المعالجة، تم إنشاء فضاء تجريبي للزراعة الحضرية والبيولوجية بجوار المحطة. تم افتتاح هذا الفضاء في شهر يونيو 2016، أنجز على مساحة 1600 متر مربع، ويتم سقيه بالمياه التي تنتجها المحطة. يضم 7 مناطق مخصصة للزراعة بها أكثر من 60 نوعا نباتيا مغروسا، ومشتلا، وكذا منطقة للتنوع البيولوجي، وفضاء لإعداد السماد العضوي(3).

من بين أهداف هذا الفضاء التجريبي حسب ما أفادت به الدكتورة عائشة رشدي، الأستاذة الجامعية المشرفة على الفضاء، ما يلي:

  • تربية الناشئة و الشباب على احترام البيئة.
  • تعليم الممارسات البيئية الايجابية كالتذبيل والمكافحة البيولوجية. في هذا الصدد، شارك فريق العمل في ورشة تطبيقية حول كيفية إعداد السماد العضوي.
  • تنمية مهارات الزراعة الحضرية حيث أن معدل المساحات الخضراء للفرد الواحد في مدينة الدار البيضاء هو 0,5 متر مربع، في حين أن المعدل العالمي هو 12 متر مربع(1).
  • تثمين المياه المستعملة المعالجة من خلال زراعات متنوعة و ذات قيمة مضافة عالية.
  • إقناع الفلاحين بأهمية استعمال المياه المعالجة في السقي و بجدواها الاقتصادية.
مباراة الصحفيون الشباب من أجل البيئة 2019 صنف التحقيق الصحفي
فريق العمل في حوار صحفي مع الدكتور فؤاد عمراوي

 

الإشكالات و التحديات المطروحة على مستوى كل من المحطة و فضائها التجريبي

على إثر هذه الزيارة والحوار الصحفي الذي أجراه فريق العمل مع كل من الدكتور فؤاد عمراوي، الأستاذ بكلية العلوم عين الشق، الاستشاري في علوم الماء ورئيس جمعية البحث والعمل من أجل التنمية المستدامة، ومع الأستاذة عائشة رشدي المذكورة سابقا، خلص الفريق إلى أن كلا من المحطة والفضاء التجريبي التابع لها يواجهان مجموعة من الصعوبات و التحديات.

فبداية، إنشاء هذه المحطة لم يقم بحماية وادي حصار بشكل كامل من التلوث لأنه، باستثناء مدينة مديونة، لازالت التجمعات السكانية المجاورة له تقذف مياهها العادمة في مجراه. إضافة الى ذلك، فالفلاحون لم يقتنعوا بشكل كامل بجدوى المحطة، لذلك فهم لا يستعملون مياهها المعالجة في سقي أراضيهم الزراعية. كما أن الأوحال الناتجة عن معالجة المياه لا يتم استغلالها في تخصيب التربة، بل تلقى في المطرح العمومي نظرا لغياب ترسانة قانونية تنظم استعمالها. ومن جهة أخرى، فالمياه المعالجة تتوفر على نسبة ملوحة تصل الى 3 غرام في اللتر الواحد(1)، وهي نسبة عالية لا تناسب بعض المزروعات.

بالمقابل، فالمحطة و فضاؤها التجريبي يستقطبان أعدادا مهمة من الزوار من تلاميذ وطلبة وباحثين ومختصين. وقد تصادفت زيارتنا للمحطة مع وفد من وكالة تهيئة ضفتي وادي أبي رقراق.

الآفاق

في الختام يتبين أنه، كي تضطلع محطة تصفية المياه العادمة لمديونة بأدوارها في تفعيل الزراعة المستدامة، ينبغي تظافر جهود مجموعة من المتدخلين في مجالات متعددة. ولتحقيق هذه الغاية، نقترح :

  • إقحام الفلاحين في المشروع من خلال تحسيسهم وتكوينهم وتحفيزهم عن طريق إشراك مختلف الفاعلين في المجال من تعاونيات، وجمعيات وغرف مهنية، ومجالس منتخبة.
  • فصل المياه العادمة المنزلية عن نظيرتها الصناعية و معالجة كل واحدة على حدة، حيث سيمكن ذلك من :
  • إمكانية استغلال الأوحال الناتجة عن تصفية المياه العادمة المنزلية في الزراعة (بعد سن قوانين تنظم هذه العملية).
  • الحصول على مياه معالجة أقل ملوحة. و تجدر الاشارة الى أن ارتفاع نسبة الملوحة في المياه المعالجة حاليا يرجع الى استعمال المصانع لمياه الآبار المالحة.
  • توسيع الفضاء التجريبي للزراعة الحضرية والبيولوجية ليضم أنواعا نباتية جديدة يتم تجريبها.
  • توفير التجهيزات اللازمة لحسن سير الفضاء (آلة الجز من أجل التذبيل، وسائل السقي بالتنقيط، فضاء مغطى لعملية التذبيل…)
  • توفير الموارد البشرية المختصة اللازمة من أجل إنجاز تجارب مكثفة على المغروسات.
  • انفتاح المحطة على الجماعات المحلية المجاورة وعقد شراكات معها من أجل توسيع المساحات الخضراء مع سقيها باستعمال المياه المعالجة في المحطة.

مصادر :

  • : الدكتور فؤاد عمراوي، أستاذ الهيدروجيولوجيا بكلية العلوم عين الشق، استشاري في علوم الماء، رئيس جمعية البحث والعمل من أجل التنمية المستدامة
  • : شركة LYDEC
  • : الأستاذة عائشة رشدي، اختصاصية في الجيوكيمياء، المشرفة على الفضاء التجريبي للزراعة الحضرية والبيولوجية

من إنجاز التلميذات :

  • أميمة معروس
  • هاجر اليدون
  • شهيناز صدقي
  • ملاك صبار

تأطير :

  • الأستاذة حسناء أيت الفقيه
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق